تؤثر الإعاقة السمعية على جوانب النمو المختلفة للشخص المعاق سمعيا وبطرق مختلفة، وقد صنفت الجمعية الأمريكية للكلام واللغة والسمع (ASHA, 2016, 1) أربع أبعاد تتأثر بوجود الإعاقة السمعية؛ تأخر في نمو اللغة الاستقبالية والتعبيرية ومهارات الاتصال، عجز اللغة تسبب مشاكل في التعلم مما يؤدي إلى مشاكل أكاديمية، صعوبة في الاتصال مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وسوء التقدير الذاتي، قد يكون لها تأثير على الخيارات المهنية.

ويمكن دراسة تأثير الإعاقة السمعية على النمو اللغوي والنفسي والاجتماعي والمعرفي والتحصيل الأكاديمي من خلال ما يلي:

تأثير الإعاقة السمعية على النمو اللغوي:

يُعد النمو اللغوي أكثر مظاهر النمو تأثر بالإعاقة السمعية، فكلما زادت شدة الضعف السمعي كلما قلت الحصيلة اللُّغويَّة التي يكتسبها المعاق والتي تؤثر بدورها على اللغة، مع الأخذ في الاعتبار توقيت الإصابة بالضعف السمعي وهل الطفل أصيب بالضعف السمعي قبل تعلم اللغة أم بعد تعلم اللغة، فالطفل الذي أصيب بالضعف السمعي بعد نمو اللغة عنده، سوف يحتفظ بقدرة لغوية لا يمكن لطفل أخر أصيب بالضعف السمعي منذ ولادته أن يصل إليها أبدا، حتى وإن تفوق على الأول في نسبة السمع المتبقية لديه (سعيد العزالي، 2011، 58).

فحاسة السمع هي الطريق الأول لاستقبال المعاني والتصورات الكلية لهذا يعاني الأطفال ذوو الإعاقة السمعية أعظم صعوباتهم فيما يتصل بالمعاني الكلية للكلمات، ولهذا أن الأطفال ذوو الإعاقة السمعية يخطئون في التركيب البنائي للغة المكتوبة حيث يلاحظ البطء في تعلم القواعد اللُّغويَّة وتعلم القراءة عند الطفل ذي الإعاقة السمعية والتي تتمثل في تأخر ذوو الإعاقة السمعية عن أقرانهم عادي السمعية فترة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.

والأطفال الذين يعانون من الإعاقة السمعية لا يمكنهم اكتساب اللغة من خلال عملية التقليد بسبب وجود هذه الإعاقة ولذلك يحاول الأطفال ذوي الإعاقة السمعية اكتساب اللغة المكتوبة لأنها الوسيلة التي يتعاملون من خلالها مع المجتمع، ويشير مصطلح الطفل الأصم الأبكم The Deaf-mute child إلى ارتباط ظاهرة الصمم والبكم، إذ يؤدي الصمم بشكل مباشر إلى حالة البكم Muteness، وخاصة لدى ذوي الإعاقة السمعية الشديدة، وذلك يعني أن هناك علاقة طردية واضحة بين درجة الإعاقة السمعية من جهة ومظاهر النمو اللغوي من جهة أخري (أديب النوايسه وإيمان القطاونه، 2015، 200-201).

وتتصف لغة الأطفال المعوقين سمعيا بفقرها قياسا بلغة العاديين حيث تكونت لديهم ذخيرة لغوية محدودة وتكون لها علاقة بالملموسات، وعادة ما تكون جملهم قصيرة ومعقدة علاوة على بطئهم في الكلام، ولعل انخفاض أداء المعوقين سمعيا على اختبارات الذكاء اللفظية لأكبر دليل على قصورهم اللغوي في حين أن أدائهم على اختبارات الذكاء الأدائية يكون أفضل، فالطفل العادي يتعرف على ردود أفعال الآخرين في حين أن الطفل الذي لديه إعاقة سمعية لا يستطيع تلقي التعزيز السمعي وتزداد المشكلات اللُّغويَّة بازدياد شدة الإعاقة السمعية (سعيد العزة، 2002، 114).

ويذكر السيد شريف (2012، 146) أن هناك العديد من الخصائص اللُّغويَّة التي تميز المعاقين سمعيا كفئة عن غيرهم سواء من الأفراد أو من فئات الإعاقة الأخرى من أهمها ما يلي:

  1.  يُعد الجانب اللغوي من أكثر جوانب النمو تأثرا بالإعاقة السمعية حيث يبدو التأخر فيه واضحا إلى جانب الافتقار إلى اللغة اللفظية.
  2.  يحتاج الأصم إلى تدريب منظم ومكثف كي تتطور مظاهر النمو اللغوي الطبيعية لديه حتى لا يصبح أبكما.
  3. 3 يعمل عدم حصول الأصم على تعزيز لغوي كاف من الأخرى إلى جانب غياب التغذية الراجعة السمعية على: الإسهام في حدوث قصور في نموه اللغوي وفي اكتسابه لتلك المهارات اللُّغويَّة اللازمة.
  4.  لغتهم ليست غنية وثرية كلغة الآخرين أي العاديين.
  5. مفرداتهم اللُّغويَّة محدودة بدرجة كبيرة جدا.
  6. عادة ما تتركز مفرداتهم حول الملموس دون المجرد.
  7. الجمل التي تصدر عنهم تعد أقصر وأقل تعقيدا قياسا بما يصدر عن غير المعوقين في نفس عمرهم الزمني.
  8. يبدو كلامهم بطيئا ونبرته غير عادية.

ويذكر وليد خليفة (2008، 74) أن هناك ثلاثة آثار سلبية للإعاقة السمعية على النمو اللغوي، خاصة ذوي الإعاقة السمعية الولادية منها:

  1.   لا يتلق الطفل الأصم أي رد فعل من الآخرين عندما يصدر أي صوت من الأصوات.
  2.  لا يتلق الطفل الأصم أي تعزيز لفظي من الآخرين عندما يصدر أي صوت من الأصوات.
  3.  لا يتمكن الطفل الأصم من سماع النماذج الكلامية من قبل الكبار لكي يقلدها.

تتمثل الأسباب الرئيسية وراء ذلك في عدم قدرة الفرد على الاستماع للغة الآخرين، وعدم حصوله على تغذية سمعية راجعة، وعدم حصوله على تعزيز لغوي كاف من الآخرين، وبدون تدريب مكثف ومنظم فالطفل المعاق سمعيا لن تتطور المظاهر النمائية الطبيعية لديه .

يعتبر تطور اللغة أمر مهما بالنسبة للأطفال المعاقين سمعياً، ويحتاج الأطفال إلى تطوير لغتهم ما أمكن بهدف الوصول إلى النمو المناسب، أي تأخير في النمو اللغوي للطفل يظهر ذلك في المراحل المتأخرة من العمر(إبراهيم الزريقات، 2009، 218).

وتذكر مؤسسة الأطفال الصم بأستراليا (Deaf Children AustraliA, 2012, 2-3) أن تطور المهارات اللُّغويَّة لدى الطفل المعاق سمعيا يعتمد على عدة عوامل من ضمنها:

  • العمر عند فقدان السمع: إن الأطفال الذين يعانون من الصمم قبل تطور اللغة سوف يواجهون صعوبة أكثر من الأطفال الذين فقدوا السمع في وقت لاحق.
  •  درجة فقدان السمع: فكلما زادت درجة فقدان السمع كلما زاد التأثير على تطور اللغة.
  •  جودة مدخلات اللغة: كلما زاد اتصال وتفاعل الطفل كلما زادت فرصه في تطوير المهارات اللُّغويَّة.
  • الحالة السمعية عند الأهل: المستوى الدراسي للأطفال الصم لوالدين صم أفضل من مستوى الأطفال الصم لوالدين نطقين، الآباء الصم يعرفون كيفية التواصل بشكل طبيعي مع أطفالهم الصم وغالباً ما يكون لها موقف إيجابي تجاه فقدان السمع طفلهم.
  •  التدخل المبكر: التحاق الطفل ببرنامج التدخل المبكر مهم جدا لتطوير اللغة للطفل، وتوفير خيارات، والنماذج اللُّغويَّة ومهارات الاتصال، كما أن التدخل قبل ستة أشهر يعطى الطفل الأصم أفضل الفرص للتعلم.
  • العمر عند التشخيص: أن الأطفال الذين يتم تشخيصهم قبل ستة أشهر من العمر يكون أدائهم أفضل من الأطفال المصابين في وقت لاحق في تعلم اللغة.

ومما سبق يتضح أن الإعاقة السمعية تؤثر على النمو اللغوي لدى المعاق سمعياً وبالتالي على الحصيلة اللُّغويَّة للأصم، ومن هنا كان لزاماً على البرامج التربوية مراعاة الخصائص اللُّغويَّة للمعاق سمعياً، فلابد من ٍمناسبة محتوى المناهج للقدرات اللُّغويَّة للتلميذ المعاق سمعياً، كما ينبغي الاهتمام بالمثيرات البصرية واستخدام البرامج وتقديم الدعم للمعاق سمعياً.