يتصف التلاميذ المكفوفون بخصائص معينة تميزهم عن المبصرين، ويعتقد كثير من الناس بوجود فروق جوهرية بين التلاميذ المكفوفين والتلاميذ المبصرين في حدة الحواس والقدرات العقلية. وتعد معرفتنا بهذه الخصائص عاملاً مهماً في اتخاذ القرارات التعليمية والتربوية الملائمة لهذه الخصائص، وتشمل هذه الخصائص الجوانب الانفعالية، الاجتماعية، اللغوية، الحركية والعقلية.

(1) الخصائص الجسمية:

لا تؤثر الإعاقة البصرية بشكل مباشر على بعض الخصائص الجسمية لدى الكفيف، فلا يختلف النمو الجسمي في الطول والوزن لديه عن قرينه المبصر. وتشير نتائج بعض الدراسات إلى أنه لا يوجد فارق بين الكفيف والمبصر من حيث حدة الحواس، وأن كف البصر لا يتبعه نمو طبيعي في الحواس الأخرى، ونظراً لإعاقة كف البصر؛ فإن الكفيف يحصل على خبراته عن طريق حواسه الأربعة (عبد الرحمن إبراهيم، 2003، 117).

وفي النقاط التالية سوف يتم عرض حواس التلميذ الكفيف وأهميتها لديه في التعرف على ما يحيط به.

  • حاسة اللمس:

تُعد اليد مصدراً هاماً من مصادر اكتساب الخبرات لدي التلميذ الكفيف، حيث تلعب دوراً في غاية الأهمية في حياته، ويعتقد البعض أن حدة حاسة اللمس لدى الكفيف ترجع إلى مبدأ التعويض. وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يوجد ما يمكن أن نسميه تعويضاً للحواس عند الكفيف، وإنما التدريب المستمر لهذه الحاسة يسهم بشكل كبير في اتصاله بعالم الأشياء من حوله (إبراهيم شعير، 2010، 219).

ويشير سيد صبحي (2007، 234) إلى أن الأسرة يمكن أن تنجح في تدريب يد ابنها الكفيف لتقوم بوظيفتها، وذلك من خلال:

  1. إعطاء الأشياء في يديه.
  2. تقريب يد الكفيف إلى الشيء المراد تناوله.
  3. ترك الكفيف يبحث ويلم الأشياء سواء أكان لها صوت أم لا.
  4. عند تقديم الأشياء له يجب أن يقترن ذلك بشرح مختصر.
  • حاسة السمع:

يشير إبراهيم شعير (2010، 220) إلى أن حاسة السمع تساعد الكفيف في معرفة المسافة والاتجاه وحصوله على الكثير من المعلومات عن البيئة التي يعيش فيها. وظهر اعتقاد بأن الكفيف يتمتع بحاسة تسمى "حاسة تمييز العوائق وتلافي الصعوبات" نتيجة أدائه المتميز في هذه الحاسة؛ إلا أن الدراسات أثبتت أن إحساس الكفيف بالعوائق إنما هو نتيجة التدريب المنتظم والمتصل.

  • حاستي الشم والتذوق:

تساعد حاسة الشم الكفيف على معرفة تفاصيل البيئة، ويمكن تدريب حاسة الشم لدى الكفيف عن طريق تمييز الرائحة، وتقول هيلن كيلر "إني أعرف بمجرد الشم المنزل الذي أدخله، وأعرف نوع العمل الذي يقوم به بعض الأشخاص من الروائح العالقة بهم مثل روائح الخشب أو الحديد أو العقاقير الطبية" (محمد خضير وإيهاب الببلاوي، 2004، 49).

(2) الخصائص الحركية:

تتسم حركة الكفيف بكثير من الحذر واليقظة حتى لا يصطدم بعقبات أو يقع على الأرض، فلا يمكنه بالقيام بالمشي الطبيعي، ومن الخصائص المميزة للسلوك الحركي لدى المكفوفين ما يعرف بـ "السلوك الحركي النمطي"، أو "اللزمات الحركية" كالحركة المستمرة بالجزء العلوي من الجسم إلى الأمام والخلف، أو استمرار فرك العينين، أو اللعب بالأصابع، أو ضرب الركبتين ببعضهما أثناء الجلوس وما شابه ذلك (عبد الرحمن إبراهيم، 2003، 53)

(3) الخصائص العقلية:

تنقسم الآراء بشأن القدرات العقلية للكفيف إلى قسمين: يرى البعض بدافع التعاطف مع الكفيف واستناداً إلى مهاراته أن ذكائه لا يقل عن ذكاء المبصر إن لم يتفوق عليه، ويستشهد أصحاب هذا الرأي ببعض مشاهير العباقرة العميان أمثال "هوميروس" و"نيكولاس سأوندرسن" - من علماء الرياضيات - و"لويس برايل" و"أبو العلاء المعري" و "طه حسين"، أما أصحاب الرأي الآخر فيرون أن الفروق بين ذكاء المكفوفين وذكاء المبصرين غير دال إحصائياً ويمكن إهماله (عبد المطلب القريطي، 2001، 200).

وفيما يتعلق بنمو المفاهيم، يلاحظ أن المكفوفين ولادياً يعانون من ضعف وقصور في إدراكهم للبيئة ووعيهم بها، وتكوين المفاهيم ذات الأساس الحسي البصري مثل مفهوم المساحة أو المسافة أو الألوان، حيث تعاني هذه الفئة من نقص في العديد من القدرات، ومنها القدرة على التخيل والتصور. ويصعب عليهم اكتساب المفاهيم المتصلة بالإحساس بالبدن: قمة، تحت، يسار، يمين، أمام، وراء، جانب (إبراهيم محمد شعير، 2009، 68).

(4) الخصائص الأكاديمية:

يشير يوسف القريوتي وآخرون (2001، 161) إلى عدم اختلاف المكفوفين بوجه عام عن أقرانهم المبصرين فيما يتعلق بالقدرة على التعلم والاستفادة من المنهاج التعليمي بشكل مناسب، ولكن يمكن القول إن تعليم الطالب الكفيف يتطلب تعديلاً في أسلوب التدريس والوسائل التعليمية المستخدمة لتتلاءم مع الاحتياجات التربوية الخاصة به.

ويرى عبد الرحمن سليمان (2003، 53) أن الخصائص الأكاديمية لدى الكفيف لا تقتصر على استعداده فحسب، بل تتعداه إلى كل ما هو مرتبط بالعمل المدرسي مثل درجة المشاركة في الأنشطة الصفية واللاصفية، وطبيعة التفاعل مع المدرسين والزملاء. وهناك عوامل تؤثر على طبيعة الخصائص الأكاديمية للكفيف مثل درجة الذكاء، توقيت حدوث الإعاقة، درجة الإعاقة، وطبيعة الخدمات التعليمية المقدمة له. ومن أهم الخصائص الأكاديمية للمكفوفين:

  • بطء معدل سرعة القراءة سواء بالنسبة للقراءة بطريقة برايل أو الكتابة العادية.
  • زيادة الأخطاء في القراءة الجهرية.
  • انخفاض المستوى التحصيل الدراسي مقارنة بالمبصرين.

(5) الخصائص اللغوية والكلامية:

وفيما يتعلق بالقدرات اللغوية للمكفوفين، فتنقسم الآراء إلى قسمين يرى البعض تفوق المكفوفين في القدرات اللغوية ويستشهدون في ذلك المكفوفين المتميزين في مجال الوعظ والخطابة. ويرى البعض الآخر بطء تقدم الكفيف في تعلم الكلام مقارنة بقرينه العادي من نفس العمر الزمني، وذلك لافتقاد الكفيف القدرة على التقليد والتي تسهم بشكل كبير في عملية تعلم الكلام. (إبراهيم محمد شعير، 2002، 66، 67).

ويرى فواز خالد (2005، 15) وجود فروق بين كل من المكفوفين والمبصرين في طبيعة اللغة والكلام، وترجع هذه الفروق إلى أن المكفوفين يعتمدون بشكل كبير على حاسة السمع والقنوات اللمسية في استقبال وتعلم اللغة والكلام. ومن أهم اضطرابات اللغة والكلام التي يعاني منها المكفوفون ما يلي:

  • الاستبدال: أي استبدال صوت بصوت كاستبدال (ش) بـ (س) أو (ك) بـ (ق).
  • التشويه أو التحريف: أي استبدال أكثر من حرف في الكلمة بأحرف أخرى تؤدي إلى تغير معناها وفهم ما يُقال.
  • العلو: أي ارتفاع الصوت الذي قد لا يتوافق مع طبيعة الحدث.
  • اللفظية: أي الإفراط في الألفاظ على حساب المعنى، وذلك نتيجة القصور في الاستخدام الدقيق للكلمات والألفاظ.
  •  قصور في استخدام الإيماءات والتعبيرات الوجهية والجسمية المصاحبة للكلام.
  • عدم التغير في طبقة الصوت: بحيث يسير الكلام على نبرة ووتيرة واحدة.
  • قصور في التعبير: والذي ينتج عن القصور في الإدراك البصري لبعض المفاهيم أو العلاقات أو الأحداث.

(6) الخصائص النفسية:

تظهر الاضطرابات الانفعالية لدى الكفيف منذ طفولته نظراً لما يتعرض إليه من ضغوط، لذا يعتبر الكفيف أكثر عرضة للقلق من أقرانه المبصرين. وترى أحلام عبد الغفار (2003، 39) تعرض الكفيف لأنواع متعددة من الصراعات؛ فهو في صراع بين الدافع للتمتع بالحياة والدافع إلى الانزواء طلباً للأمان، وبين الدافع للاستقلال والدافع إلى طلب الرعاية؛ فهو يرغب في أن تكون شخصيته مستقلة دون تدخل من الآخرين ولكنه يدرك في نفس الوقت أنه مهما نال من الاستقلال فيكون استقلال محدود بدرجة لا يستطيع أن يتعداها.

(7) الخصائص الاجتماعية:

يشير صبحي سليمان (2008، 132) إلى أن الكفيف يجد نفسه محاطاً بعطف الآخرين، وشفقتهم وخاصة في الأسرة مما يحوله إلى شخصية اتكالية. ومع شعور الكفيف بأن زملائه وأصدقائه المبصرين ينظرون إليه أنه غيرهم، يقوم باستجابات سلبية كالانسحاب والعزلة والانطواء. ومن أكثر المظاهر الاجتماعية لدى الكفيف الخضوع أو التبعية؛ نظراً لطبيعة الإعاقة البصرية، حيث يتحتم عليه ضرورة اعتماده على المبصرين في تضييق المشاكل التي يواجهها في حياته اليومية.